اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 277
ابدا وما لحقني ضر أصلا لكن إِنْ أَنَا اى ما انا إِلَّا نَذِيرٌ أنذركم باذن ربي على مقتضى وحيه والهامه إياي وَبَشِيرٌ ايضا بمقتضاه لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بوحي الله والهامه وبالجملة ما انا عالم بحالي ولا بأحوالكم أصلا بل رسول من عند ربي أبلغكم ما أرسلت به وما اوحيت من لدنه
وكيف لا يكون الغيب مما استأثر الله به إذ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ اى أوجدكم وأظهركم مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ هي أبونا آدم عليه السّلام وكان جسدا لا علم له ولا ادراك ثم علمه سبحانه من انيات الأشياء والأسماء ما تعلق ارادته بتعليمه إياه ولم يعلمه حقائقها وكمياتها إذ هي من جملة المغيبات التي لم يطلع أحدا عليها وَبعد ما أظهرها جَعَلَ مِنْها اى خلق من جنسها زَوْجَها حواء وانما خلقها لِيَسْكُنَ إِلَيْها ويوانس معها فَلَمَّا تَغَشَّاها وواقعها بالهام الله إياه حَمَلَتْ وحبلت حواء حَمْلًا خَفِيفاً اى أدركت حملا خفيفا في بطنها فَمَرَّتْ بِهِ ومضت عليها مدة أدركت ثقلها وأخبرت زوجها بثقلها فالهم بانه ولد فَلَمَّا أَثْقَلَتْ الى حيث اشتد عليها حملها وظهرت عندها امارة حيوة ما في بطنها واحست حركته دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا ولدا صالِحاً سالما لموانستنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ لنعمك المواظبين على أداء حقوق كرمك
فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً بعد صالح وطالحا بعد طالح بطنا بعد بطن جَعَلا وأخذا موضع الشكر لَهُ سبحانه شُرَكاءَ باغواء الشيطان إياهما فِيما آتاهُما من الأولاد فسمياهم بعبد الحارث وعبد العزى وعبد المناة بتعليم الشيطان إياهما فَتَعالَى اللَّهُ المنزه بذاته عن الشريك مطلقا سيما عَمَّا يُشْرِكُونَ له هما وغيرهما من المشركين ثم لا يكن شركهما عن قصد واختيار بل بوسوسة الشيطان واغوائه وبخ سبحانه عليهم وعيرهم لينزجروا
وقال أَيُشْرِكُونَ جمعه باعتبار أولاده معنا ما لا يَخْلُقُ ويظهر شَيْئاً حقيرا قليلا بل وَهُمْ اى الأصنام والشركاء في أنفسهم يُخْلَقُونَ مخلوقون كسائر المخلوقات
وَكيف يشركون الأصنام معنا في الألوهية والربوبية مع انهم لا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ اى لعبدتهم نَصْراً حيث يدفعون عنهم الأذى والضرر إذ هم جمادات لا شعور لها وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ يعنى بل لا يقدرون ان ينصروا أنفسهم بدفع ما يؤذيهم ويكسرهم فكيف لغيرهم
ثم قال سبحانه وَإِنْ تَدْعُوهُمْ ايها المؤمنون الموحدون المشركين المصرين على الشرك والعناد إِلَى الْهُدى الموصل لهم الى توحيد الحق لا يَتَّبِعُوكُمْ لخبث طينتهم بل سَواءٌ عَلَيْكُمْ ايها المؤمنون المريدون هداية هؤلاء الغواة أَدَعَوْتُمُوهُمْ اى دعوتكم إياهم الى الإسلام أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ ساكتون عن الدعوة بل عن الالتفات إليهم مطلقا لشدة قساوتهم وغلظة غشاوتهم
ثم قال سبحانه تبكيتا للمشركين إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ وتعبدون ايها الضالون المشركون مِنْ دُونِ اللَّهِ المتفرد بالالوهية المتوحد بالربوبية عِبادٌ أَمْثالُكُمْ اى هم مخلوقون أمثالكم بل أسوأ حالا منكم لكونهم جمادات لا شعور لها كيف سميتموها معبودات تعبدونها كعبادة الله وان اعتقدتم إلهيتهم وتأثيرهم فَادْعُوهُمْ بانزال العذاب على مخالفيكم فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ البتة لكونكم عبادا لهم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في انهم آلهة وبالجملة كيف تعتقدون ايها الحمقى الهية هؤلاء الجمادات الهلكى التي أنتم تنحتونها من الأحجار والأخشاب والإله منزه عنها متعال عن أمثالها وايضا كيف تعتقدون تأثير هؤلاء
أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها فيؤثرون بها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها والتأثير مسبوق بأمثال هذه
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 277